أمين التهراوي : الغضب الشعبي هو انعكاس مباشر لعجز السياسات العمومية عن تقديم أجوبة في الصحة والتعليم والشغل

مشاهدة
أخر تحديث : الخميس 2 أكتوبر 2025 - 12:08 صباحًا
أمين التهراوي : الغضب الشعبي هو انعكاس مباشر لعجز السياسات العمومية عن تقديم أجوبة في الصحة والتعليم والشغل

* العاصمة24 – الرباط –     تصوير : الحسن باحو

أقرّ وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي، أمام لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، مساء الأربعاء فاتح أكتوبر 2025، بما يتكبده قطاع الصحة في المغرب من “مشاكل مزمنة ومتراكمة”، معتبرا أن هذه الأعطاب لم تعد فقط موضوع تقارير تقنية أو نقاشات برلمانية، بل تحوّلت إلى شعارات وهتافات في الشوارع يقودها شباب جيل Z الذي جعل من مطلب تحسين المنظومة الصحية نقطة مركزية في احتجاجاته الأخيرة.

كلام الوزير الوافد على القطاع حديثا، الذي بدا هذه المرة خاليا من التبريرات الجاهزة كشف أن الحكومة وجدت نفسها مضطرة للاعتراف بأن الغضب الشعبي، خصوصا لدى الشباب، هو انعكاس مباشر لعجز السياسات العمومية عن تقديم أجوبة في الصحة والتعليم والشغل.

فبينما كانت السلطات تحاول احتواء موجة الاحتجاجات عبر المقاربة الأمنية أتى خطاب التهراوي ليقرّ بأن الدولة تتقاسم فعليا مع المواطنين نفس الإحساس بالعجز أمام منظومة صحية مثقلة بالخصاص والارتجال.

ويبدو أن الوزير قد لجأ أخيرا إلى تغيير نبرة الخطاب من التفاؤل الوردي إلى لغة الأمر الواقع، حيث شدّد على أن أكبر إشكال يواجه الصحة العمومية اليوم هو الخصاص المهول في الأطباء، ومع أن الحكومة راهنت على جلب أطباء من الخارج أو تشجيع عودة الأطباء المغاربة المقيمين في المهجر، فإن التهراوي اعترف بأن هذه الرهانات تواجه صعوبات كبيرة بسبب المساطر الإدارية المعقدة وضعف جاذبية القطاع العام، حيث يجد الطبيب العائد أو الوافد نفسه أمام واقع تجهيزات مهترئة وبنية تحتية متأزمة وأجور غير تنافسية: وهذا التشخيص لوزير الصحة يعكس مطالب الشباب في الشارع، حين يرفعون شعار “الصحة حق وليست امتيازا”.
وزير الصحة أوضح بالأرقام أن الوزارة خلقت 6,500 منصب جديد سنة 2025، ليرتفع العدد الإجمالي للأطر الصحية إلى حوالي 59 ألفا، بعد أن كان لا يتجاوز 45 ألفا سنة 2019، أي بزيادة 26% خلال الفترة بين 2022 و2024. لكن هذه الأرقام، التي قدمها الوزير كدليل على المجهود الحكومي، لم تغيّر من الواقع الميداني شيئا، والقصد مستشفيات جديدة غير مشغلة بالكامل، مراكز صحية حديثة البناء بلا أطباء، وجهات بأكملها ما زالت محرومة من الحد الأدنى من الرعاية الطبية، وهذا التناقض بين لغة الأرقام ولغة الشارع هو ما فجّر غضب جيل Z، الذي يرى في التوسع في البنية التحتية واجهة لتلميع الصورة، بينما الجوهر ظل كما هو خصاص فادح في الأطر، سوء الحكامة، وتراجع الثقة في قدرة الدولة على ضمان الحق في العلاج.
اعتراف الوزير بأن “لا حزب في المغرب يعارض إصلاح الصحة” يكشف أيضا عن مفارقة لافتة هي أنه إذا كان الجميع سياسيا متفقا على أولوية الإصلاح، فلماذا إذن يخرج الشباب اليوم إلى الشوارع للمطالبة بما هو مُجمَع عليه منذ عقود؟ فيما الجواب يكمن في الهوة بين الخطاب والواقع، بين الوعود البرلمانية والحكومية وبين حياة المواطنين اليومية داخل المستشفيات العمومية.

شـاركها الأن
رابط مختصر