منتدى أصيلة يكرم محمد البريني تقديرًا لإسهاماته في تطوير الصحافة المغربية..
*العاصمة24 – متابعة –
خصص “منتدى أصيلة”، يوم أمس الخميس، لقاء تكريميا للإعلامي محمد البريني، تقديرًا لإسهاماته في تطوير الصحافة المغربية، بمشاركة شخصيات تنتمي إلى عالم الإعلام والنشر والإبداع.
وأثنى محمد بن عيسى، الأمين العام للمنتدى أصيلة، بالمحتفى به، واصفا إياه بأحد الفاعلين المجددين في مجال الصحافة والإعلام، الذي عرف بمواقفه المستقلة وصرامته المهنية والشجاعة في الرأي، واعتبر هذه المبادرة تكريما للرموز الإعلامية، باعتبارها ركيزة لازمة لأي نهضة مجتمعية.
وقال بن عيسى إن ممارسة الصحافة، بمعناها العام، تعني عند محمد البريني مسؤولية أخلاقية وتكملة الرسالة التربوية. وسجل أن تجربة المحتفى به متفردة في سجل وتاريخ الصحافة المغربية، اعتمد فيها على إمكانياته الذاتية مستفيدا من نجاحات وإخفاقات الذين ساروا قبله في درب الصحافة الحزبية، حيث تتعارض المواقف والانضباط الحزبي مع الضمير المهني، إذ يجد الصحافي نفسه حائرا بين إرضاء القارئ والحقيقة، أو الدفاع بل التستر على موقف المؤسسة الحزبية.
الجلسة الأولى من التكريم التي أدارها الإعلامي جمال المحافظ، انطلقت بشهادة للكاتب والصحافي محمد الأشعري، وزير الثقافة سابقا، ذكر فيها أن الروح الإنسانية المستلهمة من البيئة الصحراوية ظلت لصيقة بالبريني حتى وهو يخوض في صراعات المدينة العملاقة، الدار البيضاء، ويقاتل حيتانها الكبيرة. وتابع المتحدث أن من تجليات تلك الروح ذلك الوفاء منقطع النظير لأفكاره السياسية ووفائه الصوفي تقريبا لشغفه بالصحافة ولصداقاته ولأسلوبه الهادئ والصارم في الحوار والعمل المشترك، ولتلك الثقة التي ما فتئ يمنحها لزملائه ليشعرهم دائما بضرورتهم القصوى للمؤسسة.
واستحضر الجهود المشتركة التي أسهم فيها المحتفى به لتطوير “الاتحاد الاشتراكي” من صحيفة رأي فقط، إلى صحيفة رأي ومهنة. لكن هذا الطموح اصطدم بالبنية الحزبية التقليدية، مما جعل محمد البريني يفكر في مشروع جديد هو “الأحداث المغربية” كصحيفة مستقلة حداثية ومتطورة في جوانبها الفنية والمضمونية. وختم محمد الأشعري كلمته بالتأكيد على سعي البريني الدائم للدفاع عن حرية التعبير واستقلالية الصحافة.
ثم قدم خليل الهاشمي الإدريسي، مدير عام وكالة المغرب العربي للأنباء، شهادة عدّد فيها صفات محمد البريني بالقول إنه شخصية قوية مبنية على ثقافة الجنوب الشرقي للمغرب، متزن في مواقفه وهادئ في تعامله مع الأحداث، معروف عنه الثبات في المواقف والالتزام بالمبادئ، متشبع بثقافة ديمقراطية عميقة وبحس الحوار وحسن تبادل الأفكار واختيار توقيت التعبير عنها.
وأشار إلى أن المحتفى به مناضل يساري اشتراكي ذو فكر تقدمي يعبر عنه بطريقة منفتحة. كما أوضح أنه كان مستقلا فكريا ومنضبطا حزبيا في إطار تقدمي، لكن الصحافي المهني انتصر على المناضل الحزبي في تجربة محمد البريني، ما حدا به للخروج من الصحافة الحزبية والانخراط في تجربة لا تقل مخاطرة تتمثل في دخول المؤسسة الصحافية المستقلة عبر تأسيس صحيفة “الأحداث المغربية”.
وأفاد مدير عام الوكالة الرسمية أن البريني نجح في رفع رهانات تحديات الصحافة المستقلة، من خلال الخط التحريري والمبيعات، كما استعرض جهوده رفقة عدد من الناشرين والمسؤولين بالصحف المغربية في هيكلة قطاع الصحافة والإعلام، معتبرا أن “النموذج المغربي في تأطير المهنة كان فريدا وناجحا، بل حقق الريادة المغربية إقليميا وقاريا.”
نور الدين مفتاح، رئيس “فيدرالية ناشري الصحف بالمغرب”، أوضح في شهادته أن محمد البريني، عدا عن كونه أسس لانتقال صحافي فريد من نوعه بالمغرب، كان ضمير “الفيدرالية” الذي ساهم في عدة أوراش مؤسسة ومنظِّمة لحقل الصحافة المغربية، كما كانت له بصمات على القوانين والتشريعات التي ساهمت “الفيدرالية” في صياغتها، مبرزا الحاجة إلى استلهام قيمه وتجربته لرفع التحديات التي تواجهها الصحافة في الوقت الراهن، في ظل تراجع المقروئية وتأثير الثورة التكنولوجية على أنماط التواصل.
عبد اللطيف بنصفية، مدير المعهد العالي للإعلام والاتصال، وصف محمد البريني بـ”فارس المعارك الصحافية”، وقال إنه “اسم يستحضر كلما جرى الحديث عن الصحافة المغربية في عصرها الذهبي”، مضيفا أنه خاض معارك متعددة في أكثر من جبهة، تنقل بين عناوين بارزة طبعت المشهد الإعلامي في المغرب، امتهن الصحافة بداية السبعينيات، آتيا من عالمي التعليم والسياسة، فامتزج أداؤه الصحافي ببيداغوجيا المدرس والتزام المناضل.
وأردف أن المحتفى به تميز بحنكته الإعلامية في تصريف مهامه الإعلامية كمسؤول حزبي بملاءمتها مع المواقف السياسية خلال تعاقب الحقب والأحداث. وأكد أنه أسهم في تأسيس صحافة الخبر المستقلة عوض صحافة الرأي الحزبية، وترسيخ ثقافة المقاولة الصحافية ونموذجها الاقتصادي. وكان له الفضل في تغطية أحداث فارقة في التاريخ المعاصر محليا وعربيا ودوليا، كحرب الخليج الأولى والثانية وقضية عميد الشرطة “ثابت” الفضائحية وملتمس الرقابة ضد الحكومة وغيرها.
في السياق ذاته، أكد محمد برادة، الرئيس المدير العام لشركة “سابريس” لتوزيع الصحف سابقا، أن محمد البريني تميز على طول مساره المهني برفع التحديات بجرأة الملتزم بقضايا الوطن، كما أثنى على خوض البريني مغامرة الانتقال من الصحافة الحزبية إلى الصحافة المهنية بقوة وجدية وإخلاص ومصداقية، وذلك بفضل ما يتميز به من مصداقية وخبرة وحكمة.
وتميزت الجلسة الثانية التي أدارها عبد الله البقالي، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، بمداخلات متنوعة جمعت بين الجوانب الإنسانية والمهنية، ما جعلها تترك أثرا طيبا لدى المحتفى به الذي لم يستطع أن يغالب دموعه وهو يقرأ كلمة شكر.